Monday, July 8, 2013

الفريق الرابح



ثقافة العمل الجماعي
في كل الأزمات التي تمر بنا كدولة ومؤسسات وأفراد أيضًا، لاحظت أننا نفتقد إلى ثقافة العمل الجماعي. إن فقد الثقة في قدرات الآخرين وتقيمهم بناءً على اخفاقاتهم، يجعلنا لا نرى الجوانب الإيجابية في شركائنا، بل وتخرج أحكامنا عليهم بالضعف وقلة الحيلة.
حاول الكثيرون إنشاء مجموعات عمل لها هدف تسعى لإنجازه، ولكن سرعان ما يبدأ أحد أفراد الجماعة بالظهور كقائد ليبدأ الجميع في منافسته متناسين الهدف ومنشغلين عنه.
العمل الجماعي ثقافة تجمع في أقوى نقاطها الاستفادة بخبرات الآخرين، بإسناد لكل ذي مهارة جزء من الخطة التي تتوافق مع مهارته، وتكون القيادة على العكس لمن هو أقل مهارة مهنية وهو بذلك يعمل كمنسق لباقي الفريق.
في إحدى الاختبارات التي تمت على مجموعتين لتجميع أجزاء جهاز رياضي. المجموعة الأولى تتكون من ٨ أفراد غير مدربين على العمل الجماعي، والمجموعة الثانية تتكون من ٥ أفراد سبق لهم العمل كمجموعة. وكانت النتيجة كالتالي:
أنهت المجموعة الثانية الاختبار في أقل من ثلث الوقت المحدد، بينما احتاجت المجموعة الأولى إلى مزيد من الوقت ولم يكن العمل دقيقًا.
لقد اختارت المجموعة الثانية (المدربة) أحد أفرادها للقيادة والتوجيه والاسترشاد باللوحات الخاصة بتركيب الجهاز، وقسمت أعضائها إلى أربعة فرق، لكل فرقة مهمة محددة تنجزها. ثم يقوم القائد بالتنسيق بينهم لإخراج الشكل النهائي، فنجحوا لأنهم لم يتنافسوا على زعامة أو منصب قيادي، وإنما كان لهم هدف واضح. عرف كل فرد في المجموعة أن دوره في تحقيق هذا الهدف لا يقل أهمية عن دور القائد. لقد آمنوا بأنهم جميعًا في قارب واحد، وأن نجاتهم تتمثل في قيام كل منهم بما يتوجب عليه فقط لتحقيق الهدف.
بينما عانت المجموعة الأولى من قلة التنسيق وتعارض الأفكار وعدم القدرة على اتخاذ القرارات والنزاعات فيما بينهم لتولي قيادة الفريق، مما أهدر الوقت وأثر على إفقاد العمل قيمته، بل وخرجت النتيجة غير مرضية.
إن هذا ما يحدث دائمًا وأبدًا، عندما يغيب التنسيق وتختلف الآراء، عندما يتدخل كل منا فيما لا يُعنيه، عندما نقوم بما لا نعرف عنه شيئًا، عندما يتصارع أعضاء الفريق فيما بينهم على القيادة، عندما تتغلب الرغبة في تولي المناصب على الرغبة في العمل؛ كل هذا يؤدي إلى فقدان هوية الفريق وضياع الهدف.
وهذا ينطبق في كافة جوانب الحياة...
إن ثقافة العمل الجماعي تبدأ من الأسرة، حيث يتعين علينا كوالدين أن نتدرب ونُدرب أبنائنا على العمل كفريق، له هدف واحد يقسم على أجزاء يهتم كل فرد بجزء واحد يدرسه جيدًا وينمي مهاراته للعمل في هذا الجزء، ويعمل كل من الوالدين على تنسيق الأدوار ورفع مهارات الأداء.
ثم يأتي دور المدرسة.. ليعرف الفرد أن كل مدرس مسؤول عن تدريبه على جزء من المنهج، وأن الهدف هو إنتاج جيل مدرب على مستوى عالي من الثقافة والمهارة.. جيل قادر على قيادة مجتمعه ووطنه.. جيل قادر على الخلق والابتكار.. جيل يعرف كل فرد فيه أهميته للمجتمع والأمة كلها، يؤمن كل فرد فيه بقدراته وبعمله في موقعه.. جيل منزوع الحقد والغل والأطماع.. جيل له هدف واحد فقط هو خلق حياة أفضل...إلخ. وتأتي باقي أدوار المجتمع على نفس النهج.
يجب علينا أن نُغير مفهومنا عن القائد الواحد، أن نتعلم أن القيادة ليست بتولي منصب أعلى أو أن أكون في المقدمة؛ ولكنها القدرة على قيادة النفس، وتدريبها، وتنمية مهاراتها، وعلاج سلبياتها. إنها أقوى مواقع الإدارة، فإن استطاع الشخص قيادة ذاته بإبعادها عن مكمن الخطر، والارتقاء بها بعيدًا عن الرغبات الخاصة، وتغليب مصلحة المجتمع فقد حصلنا على نواة مجتمع ماهر في إنجاز أهدافه، متوافق في اتجاهاته، قادر على قيادة نفسه والعالم كله لما فيه خير البشرية جمعاء.
مراجعة وتنسيق
م.مرقص
تاليف واعداد

المدرب / وائل رافت






 
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | Grocery Coupons