"كم أتمنى أن تأتيني الفرصة لأحقق ما أريد"...
إن كل ما أحتاجه فرصة واحدة لأغير حياتي...
هي فرصة واحدة سآخذها وأصل إلى ما أريد...
هل تحدثت لنفسك يومًا بإحدى هذه الجمل؟ أو هل تسمع من المحيطين بك
الكثير مثلها؟ أو هل تسائلت يومًا متى تأتي تلك الفرصة؟
يعيش الكثيرون على أمل أن تأتيهم الفرصة المناسبة حتى يصبحوا أكثر
شهرة، أكثر قوة، أكثر ثراءً، أن يحصلوا على أفضل حبيبة، ويصلوا إلى أعلى المناصب،
ويتفوقوا في مجالهم الرياضي أو العملي... إلخ.
كما نتابع سويًا من خلال صفحتنا "استراتيجية التسويق من خلالالفيس بوك" إن حلم الثراء والحب يسيطر على الكثيرين، بل إن الكثيرين يصلون
إلى مرحلة عدم الالتفات للواقع من كثرة تفكيرهم في تلك الفرص النادرة، ولكن ماذا
عنك هل تنتظر فرصة؟ إن مثل هذه الفرصة لم أرها ولم أشاهدها إلا في الدراما
التليفزيونية والتي تبث لنا دائمًا فكرة أن الفرصة تأتي إليك طائعة ذليلة، تهبك
نفسها، تلتصق بك، حيثما كنت تنتظرك حتى تنتبه لها، وهي دائمًا تأتي في صورة
العفريت الذي يخرج من فانوس قديم مر عليه الآلاف من السنين حينما كنت تحاول
تنظيفه. هل تعجبك مثل تلك القصة؟
هناك أيضًا قصة الفقير الذي تأخذ منه الحياة كل شيء وتتركة يعاني آلام
الجوع وقسوة المناخ، ثم يعثر على حقيبة فتصبح حياته أفضل وأكثر ترفًا... هل تعجبك
هذه أيضًا؟
كما هناك أيضًا تلك القصص التي كثيرًا ما حلمت بها وتمنيت أن تأتي تلك
الجنية (عروسة البحر)، وللعلم فقد كنت أنا
والكثيرين نذهب ليلاً إلى إحدى ضفاف النيل حيث كنا نسمع أن هناك تخرج الجنية
وتنادي عليك، فإذا عشقتك فإنها ستهبك خياشيم بدلاً من الرئة وستصحبك معها إلى
أعماق البحار لتقابل سلطان البحر، ذلك الذى سيسره أن يرى ابنته وقد وجدت من يُحبها
للدرجة التي يترك عالمه ليذهب إلى عالمها. ولا أكذب عليكم فقد كنت
كل يوم في صغري أدعو أن تخرج تلك الجنية لأرى ذلك الجمال الذي لا مثيل له ولأذهب
إلى عالم ساحر أجني منه الكثير والكثير من الجواهر، بل أن خيالي كان يقذف بي إلى
أعمق من ذلك؛ فكنت أفكر كيف سأخبر أهلي، وأين سأبيع تلك الجواهر الثمينة، وماذا
سأقول للشرطة عندما تسألني من أين حصلت عليها؟ هل كنت أنت أيضًا تنتظر هذه الفرصة؟
إن الحقيقة الوحيدة المشتركة بين كل هذه القصص هي إنها مجرد خرافة،
وإنه لن يحدث أبدًا لن يخرج مارد من فانوس ولن تحب تلك السمكة الآدمية إنسان..
إنها خرافة.
لكن ما قصة بعض الناس الذين حصلوا على فرصة حقيقية؟
يؤمن الكثيرون بدور الحظ في حياتهم، ويؤمن آخرين بدور القدر والقوة
الخفية التي تسوق لهم الأقدار الصالحة..
فما هو الحظ؟ وكيف أستطيع إقناع هذه القوة الخفية أن تسوق لي بعض
الأقدار الصالحة!! أنا لن أكون طماعًا.. فقط كل ما أرغبه هو بعض الفرص.
إن هؤلاء وإن صادف أن أُتيحت لهم فرصة، لكنهم عاشوا فترة من الخرافة
التي لا تتحقق بشكل مستمر... وإلا فلِما نسمع أن فلانًا بعد أن ربح مليون جنيه قد
خسر قدمه أو عينه أو ضارب بها في بورصة فخسر هذه الأموال..
كم مرة ضربت بكفك على رأسك وصحت في وجه أحدهم لتقول له: ياليتني مكانك
لكنت فعلت كذا وكذا... ولكن هل حقًا لو كنت مكانه كنت ستفعل؟؟؟ من يدري.. لتعرف
الإجابة لابد أولاً أن تأتيك الفرصة!!
إنك يا صديقي ستكتشف مع مرور الوقت كم الخرافات التي كنت تعيش أسيرًا
لها، فإنك أبدًا لن تحصل على المال لأنك سرت يومًا في الشارع تبحث عن محفظة سقطت
من أحدهم.. ولن تحصل على الحب لأنك واجهت مجموعة من المتشردين يحاولون التعدي على
فتاة فساعدتها.. وأبدًا لن تحصل على ثروة كبيرة لمجرد أنك تفوهت بكلمات منمقة
منسقة أتممت بها صفقة لم يستطع أحد غيرك إتمامها... إنها خرافة.. مجرد خرافة.
مجرد شماعة جديدة سنعلق عليها نتيجة الكسل وعدم الاكتراث بعملنا.. مجرد
حجة حتى نُسكت صوت ضميرنا الذي يلومنا دائمًا لعدم محاولاتنا انتهاز الفرصة واقتناصها..
إننا نعتبرها فرصة لنعطي لأنفسنا المزيد من الوقت نقضيه أمام التلفاز لمشاهدة
الدراما والنكات... أو إنها حظ جيد جاء ليعطينا الأمل في مزيد من الوقت للنوم
والأحلام. وبعد مرور السنين سنجلس وحولنا جميع معارفنا لنحكي لهم إن كل ما كنا
نحتاجه هو فرصة.. الفانوس السحري، جنية البحر، الرجل الثري الذي سيموت ويترك ثروته
لنا... أليس ذلك ضربًا من الجنون؟
صديقي، تعالى معي لأكشف لك عن السحر الحقيقي، لأريك أين يسكن المارد،
أين تعيش جنية البحر الجميلة عذبة الصوت... إنها بداخلك أنت، نعم بداخلك.
هل جربت يومًا أن تكسر بيضة لإخراج الفرخ الصغير؟ هل تعلم ماذا سيحدث
له؟ سيموت!!! برغم إنه من الضروري أن تنكسر البيضة ليخرج الفرخ ولكنها سُنة
الحياة. الكسر يجب أن يكون من الداخل ليحيا الفرخ الصغير، فإذا ما حاول أي شخص
مساعدة الفرخ بإزالة القشرة يموت الفرخ المسكين... إنها فرصته وحده وعليه أن
يأخذها.. بل إنه مَنْ يصنعها.
كذلك في ولادتك.. مَنْ أخرجك؟ هل أخرجوك من الخارج أم أنك ظللت تدفع
وتدفع حتى تمكنت من إخراج نفسك؟!
هل رأيت؟ كانت من الداخل أيضًا.. لقد كانت أهم فرصك لتحيا وقد صنعتها..
ماذا لو أنك ضعيف ولم تستطع دفع نفسك، أو تأخرت في الخروج من الرحم؟ سوف ينغلق عنق
الرحم على رأسك فإما أن تموت، وإما أن تحيا مشوهًا ومصابًا بأحد العاهات... إذن
فإن الحقيقة الثابتة أنك قادر على صناعة الفرصة... نعم إن الفرصة لا تأتي أبدًا.
إننا
نصنعها.. ننتجها.. نتدرب عليها.. نجهز لها.. نخطط لاستثمارها. فإذا ما
حانت اللحظة كانت لدينا كل الدوافع التي ستقذف بنا خارج رحم الأزمة لنحيا كما
نريد.. والآن هل صدقت؟ هل اقتنعت أنك أنت من يصنع فرصته؟ أنت من يجذب الحظ لنفسه!
عزيزي.. إنه من السهل أن نمر جميعًا على كومة من الخردة ولا ننتبه لها
بل ونشمئز من وجودها في مكان المرور، ولكن أؤكد لك أن هناك من هو قادر أن يرى أبعد
من ذلك، فهناك التاجر الذي يبيع ليربح المزيد من الجنيهات، وهناك المبدع المغامر
صانع الفرص الذي يرى في كومة الخردة فرصة يستطيع بها عمل أغلى التماثيل ليبيعها
بمئة ضعف فيترك لنا تحفة فنية تدوم طول الزمن لتخبرنا أن المغامر فقط هو من يحظى
بكل الحظ وكل الفرص.
فهذا المغامر إذا ما مر بحطام المدن فإنه سيصنع منه أفضل مدينة يسجل
عليها تاريخ قومه وقدرتهم، ماذا كانت الأهرام قبل بناءها؟ ماذا كانت المعابد قبل
نحتها؟ هل سألت نفسك: كم تزن أحجار تمثال رودوس؟ وأين كانت؟
إن المغامر هو صانع الحضارة وهو صانع التاريخ. إنه شخص درب نفسه على
كيفية النظر لأبعد مما يرى الآخرين. لم يكتفِ بالمشاهدة فقط بل فكر وتصور وتخيل ثم
فعل أهم خطوة. لقد نفذ فكرته.. لقد صنع الفرصة التي جعل من خلالها ما
آمن بحدوثه ذات يوم، حقيقة وواقع في الحياة.. إنه هو المغامر الحقيقي.
إن المغامرين لا يحفظون إلا معادلة واحدة متى طبقها أي إنسان فإن اسمه
سيكتب مع هؤلاء المغامرين. إنها معادلة واحدة تقول..
"لتصبح مغامرًا يجب عليك أن تُبقي عينيك
مفتوحتان وأن يستمر عقلك في العمل"
إنها تعني أن تملك المهارة الكافية، الشجاعة المطلوبة، الانضباط
الدائم، الالتزام، الصبر، المرونة.. أن تظل دائمًا في حالة تدريب مستمر على
الابتكار على الإبداع على التخيل.
إن أهم ما يرددونه دائمًا أن "على المرء أن يحصل على كل ما يستطيع
الحصول عليه ثم يخطو"
لا حركة قبل المعرفة والتدريب..
هكذا يتوجب عليك أن تكون لتصبح صانع الفرص، حتى لا تنتظر تلك الفرص
الوهمية الزائفة عليك أن تبحث في داخلك. ما هي نوع الفرصة التي أرغب فيها؟ وما
الذي يجب عليَّ أن أعرفه عنها؟ وإذا أتيحت لي.. كيف أستفيد منها؟ وهكذا فقد أصبحت
مستعدًا للانقضاض على الفرصة، بل ولصناعتها واتقان استثمارها.. تدرب على كل ما يخص
الفرصة التي تحلم بها، وضع في اعتبارك دائمًا تلك المقولة "إن الفرصة لا تأتي
أبدًا إلا لمن كان مستعدًا لها" ماذا لو أُتيحت لك الفرصة ولم تكن مستعدًا
لها؟ سوف تمر وتضيع. ماذا لو أنك ترغب في العمل كمرشد سياحي وحينما أُتيحت الفرصة
اكتشفت أن مستوى اللغة لديك ضعيف أو معلومات غير كافية في مجال التاريخ.. هل ستحصل
عليها؟ بالطبع لا. سيحصل عليها من تَكلف عناء الذهاب إلى الدورات والمحاضرات ثم
ذاكر واجتهد ليحصل على ما يريد.
ماذا لو أنك ترغب في السفر إلى إحدى الدول الأوروبية؟ ففي ألمانيا مثلاً
يستقطبون أصحاب المهارات الحرفية دون النظر إلى مستوى شهادتهم، فهم سيهتمون
بتعليمك هناك، ولكن الأهم هو مستوى مهارتك.
انظر كيف تُصنع الفرص؟ إنه التدريب والاجتهاد في استكمال ما ينقصك؛
ولتفعل ذلك أجب عن الأسئلة الآتية:
ما هى الفرصة التي أنتظرها وأرغب في صناعتها؟
هل أنا مستعد لها بالمهارات اللازمة والمعلومات الكافية؟
ما الذي ينقصني وأحتاج إلى تعلمه؟
كيف سأستفيد منها حين أحصل عليها؟
أتذكر ذات مرة أن سيدة كانت تبحث عن عمل، وحينما تحدثت معها عن كتاب
ودورات "استراتيجية التسويق من خلال الفيس بوك" فقد قررت أن تتدرب على ذلك
ثم بدأت في تسويق منتجاتها وتجارتها.. واليوم هي تحقق دخلاً شهريًا رائعًا.
هيا يا صديقي فقد ينقصك أن تتعلم بعض الكلمات لتحصل على فرصتك.. قد
تكون على بعد خطوة واحدة من فرصتك. قد تكون هذه الخطوة هو حضور إحدى الدورات،
الالتحاق بأحد المعاهد التدريبية، التحدث مع شخص ما، الحصول على شهادة ما، هيا
انطلق. إن حياتك تنتظرك، استعد بكل ما تستطيع، لا تجلس وتنتظر فبينما أنت جالس فإن
المغامرون الحقيقيون يصطفون أمام الفرص ليحصل كل منهم على فرصته.
مراجعة وتصحيح
منى مريد
تاليف واعداد
المدرب